الثلاثاء، 8 مارس 2016

لا تهرف بما لا تعرف .. الجرأة على الفتوى

لا تهرف بما لا تعرف .. الجرأة على الفتوى

من مدونتي القديمة أبو عبدالرحمن ثورة قلم
(لا تَهْرِفُ بما لا تَعْرِف )
هذا مثل عربي ، يتكلم عن أقوام دائما ما يتحدثون ، وفي كل أمر يقولون ، وإن بحثت عن حصيلة علمهم تجدهم أصفار على قارعة طلبة العلم ، ولكنهم دائما ما يفتون ...
أذكر قصة وإن كانت موقوفة إلاّ أن بها شاهدا على عدم التحدث إلا بما نعرف ،

حيث سُأل امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قضية من القضايا على شاهد عدل يشهد لمصلحة شخص ما فلم يجد في مجلسه من توفرت فيه الشروط ، فقام بعض المزكين من غير ان يطلب منه الخليفة ذلك.. فقال للفاروق رضي الله عنه :
يا امير المؤمنين انا أشهد له .
فقال له خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أو تعرفه ؟
قال الرجل نعم
فقال له عمر سائلا:
هل سافرت معه
فقال الرجل : لا
فسأله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : هل أكلت و شربت معه
فقال الرجل : لا
فقال الفاروق رضي الله عنه : هل تعاملت معه في البيع و الشراء
فقال : لا
فأجابه عمر رضي الله : فأنت لا تعرفه....
وكلكم يعلم حديث معاذ رضي الله عنه وهو قوله ؟ "كُفَّ عليك هذا" حديث معاذ الطويل قال "وكف عليك هذا" قال: يا رسول الله أَوَ مؤاخذون بما نقول؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على مناخرهم -أو قال على وجوههم- إلا حصائد ألسنتهم"  ( حسنٌ صحيح – سنن الترمذي )
قد قال عليه الصلاة والسلام: " ( من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض ) السيوطي في الجامع الصغير – حديث حسن" .
فكم وكم من الناس يهلكون أنفسهم ويهلكون غيرهم بسبب فتوى بغير علم ، بسبب فتوى ما أنزل الله تعالى بها من سلطان .
لذلك أخي المسلم إن سئلت عن مسألة ما ثبت لك فيها نقل ، ما سمعت بها قل : لا أدري . وتذكّر قول الله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ.
وقد قال بعض الصحابة: "أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار". وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "العلم ثلاثة كتاب ناطق وسنّة محكمة ولا أدري".
فمن أفتى فإن كان مجتهدًا أفتى على حسب اجتهاده، وإن لم يكن مجتهدًا فليس له أن يفتي إلا نقلاً عن فتوى إمام مجتهد منصوص له.
فمن سئل عن مسألة ولم يكن عنده علم بحكمها فلا يغفل كلمة لا أدري. فقد جاء عن مالك رضي الله عنه أنه سئل ثمانية وأربعين سؤالاً فأجاب عن ستة وقال عن البقية لا أدري .
وروي عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه سئل عن شىء فقال: "وابردها على الكبد أن أسأل عن شىء لا علم لي به فأقول لا أدري".
فإذا كان هذا حال أعلم الصحابة علي رضي الله عنه الذي قال سيدنا عمر رضي الله عنه فيه: "نعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن" فكيف حال من سواه .
فإن من أعظم ما ابتليت به هذه الأمة أناس دعاة على أبواب جهنم اندلقت ألسنتهم بالباطل واندلعت أصواتهم بالضلال والعياذ بالله.
وان شئتم فاقرءوا معي جيدًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلّغ لا فقه عنده". ( ابن ماجه – صححه الألباني )، فليس المطلوب هو نقل الحديث بل فهمه والقدرة على استنباط الأحكام منه ومعرفة مطلقه ومقيده ومناسبته الخ...  من أصول الفقه
الرسول دعا في حديثه هذا لمن حفظ حديثه فأداه كما سمعه من غير تحريف بنضرة الوجه أي بحسن وجهه يوم القيامة وبالسلامة من الكآبة التي تحصل من أهوال يوم القيامة لأن يوم القيامة يوم الأهوال العظام والشدائد الجسام.
وأفهمنا بحديثه هذا بقوله: "فرب مبلغ لا فقه عنده" أن بعض من كانوا يسمعون منه الحديث ليس لهم فقه أي قدرة على استخراج الأحكام من حديثه وإنما حظهم أن يرووا عنه ما سمعوه مع كونهم يفهمون اللغة العربية الفصحى، فما بال بعض الناس الذين يتجرؤون على الفتوى بغير علم ويقولون : " أولئك رجال ونحن رجال ".
أولئك رجال يعنون المجتهدين كالأئمة الأربعة كالشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلا شك إخوة الإيمان أن الفوز العظيم هو بإتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم إتباعا كاملاً وليس بإتباع الهوى والنفس الأمّارة بالسوء، فلقد صدق شيخنا العبدري القرشي رضي الله عنه حين قال: "من اتبّع الهوى هوى".
فبعد ما قرأت أخي الكريم هل سيتجرأ لسانك على الفتوى
فلنتق الله في أقوالنا أحبتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالتي إلى سيدنا زكريا (عليه السلام)

رسالتي إلى سيدنا زكريا (عليه السلام) عزيزي: نبي الله زكريا.. أحاول فهم الدعاء الذي قلته عندما وجدت رزقاً عند من كفلتها، ...