الخطيئة الصامتة.. قصة فتاة
بقلم: محمد سلامه يونساستفاقت أحلام من نومها وهي على موعد مع عيد ميلادها الساس عشر من عمرها، ولكنها خائفة ووجلة ان ترفع رأسها من تحت الغطاء، لم تكن تتخيل انها بهذه القذارة، "لا لست انا لا أفكر بهذه الأمور طيلة حياتي، لست خائنة" يتحدث ضميرها
أغمضت عينها مرة أخرى وأعادت التفكير في حلمها، رغم ذلك الخوف الذي راودها ولا تستطيع الآن أن تخبر أحدا، إلا أن شعورا داخليا طفح على سطح تفكيرها "مع ذلك فإنه شعور جميل" تحدث نفسها.، "اخرسي.. أبعدي هذه الاوهام من مخيلتك... لست انت من تخون و.. وو وو" سيصبح هذا سرها الكبير الذي لن تحدث عنه أبدا.
"كل عام وأنتِ بخير صغيرتي أحلام" تتحدث والدتها، لقد أصبحت اليوم عروس، تخذلت رأس أحلام وبدأت تسأل نفسها؟ هل كنت أتكلم بصوت مرتفع؟ هل قرأت أفكاري؟ أم كانت بجواري وقت الحلم؟ هل أحست بشي؟ ظنت مريم أن عيد الميلاد هذا قصة "مفقوسة" كلمة عامية تعني مكشوفة عند الفتيات، ولكنها قررت انها لن تخبر والدتها في أي حال من الأحوال عن شيء.
كشفت والدتها عنها الغطاء، شعرت أحلام ان ثيابها انتزعت من مكانها وكشف المستور، تصنعت أنها ما زالت تشعر بالدفئ وهي ما زالت تحاول لملمة جسدها وتطويه كي لا تُشعر والدتها بشيء.
"كيف أخبرها بهذا.. وقد وبختني عندما تحدثت مع شقيقتي المتزوجة عن الدورة الشهرية" تحدث نفسها.. ثم تعود لتتفكر في ذلك الحلم بخوف وقلقل وشعور سعادة مصحوب بتشويش الذنب والخيانة ثم تعود تحدث نفسها "ربما تغرس أسنانها في رقبتي إن علمت بالأمر" فما زالت تذكر أحلام الضرب المبرح والمدمي لشقيقتها الكبرى مريم الذي أطاح بأحد أسنانها وخصلة من شعرها وبعض الدماء التي لا تعرف مصدرها عندما اكتشفت والدتها أنها تلقي كتابها وتقرأ روايات غزلية وأشعار نزار قباني.
ما زال ذلك الحزن قاتم على وجه شقيقتها كلما نظرت في المرآة لترى أنها فقدت نظارتها لأن لديها شعور بأنها أنثى تستحق الاحترام كشقيقها شادي الذي عبر علانية عن شعوره بحب ابنة عمه وأنه يريد خطبتها وكانت والدتها في قمّة السرور وكأنها ربحت في برنامج من سيربح المليون.
أبعدت أحلام فكرة اخبار والدتها من مخيلتها، ونهضت تُلملم نفسها تحاول أن تفهم ما جرى بنفسها بعيدا عن شقيقتها المكلومة بالإهانة، ووالدتها التي لا تحترم الأنثى..
حان وقت اشعال الشمع وتقسيم الكعكة التي صنعتها الوالدة لابنتها التي لم تشاهد والدها الذي توفي بعد ولادتها بشهر على الأكثر وكان قد ترك وصية الاهتمام في البنات وكسوتهن وتعليمهن، فكانت من كلماته الأخيرة "يجب على شادي حمل الأمانة الثقيلة" وربما اقتصر الفهم في الاهتمام عند أم شادي بأعياد الميلاد وأنواع اللبس ونوع الهاتف المحمول.
حصلت أحلام على كمية من الهدايا من عائلتها الصغيرة، وتذكرت العائلة قبطانها الذي افتقدته منذ فترة، قُرأت الفاتحة ورقت الدّموع وجفت حتى لا تذهب الفرحة، وأحلام تحدث نفسها" ليس في هذا اليوم.. ليس الكعك والهدايا ما أريد.. " كانت ترمي إلى النصيحة إلى الاقتراب من صاحبة التجربة في هذه الامور أكثر إلى الأم الحضن الدافئ، وسفيرة الحب في هذا العالم، ولكن هذا الحضن يكون باردا اذا ما سمع قصص الحب والغرام وقلة الحياء عند البنات.
انتهى هذا اليوم بسرعة وما زالت أحلام تفكر في موضوعها، يبدوا أنها تذكرت أمرا ووجدت من يجيبها إنها تمتلك هاتف محمول يمكن أن تستخدمه على الانترنت والشيخ جوجل جاهز حتى للبحث عن كتبها ووضعها في الحقيبة.. تُحدثت هذا بابتسامة ساخرة مع نفسها.
خلدوا إلي النوم، وتصنعت أحلام أمام شقيتها مريم أنها متعبة بعد أن شكرتها على المحفظة المطرزة يدويا التي أهدتها إياها، وقالت لمريم "تصبحي على خير" أراك صباحا مع يوم مكرر، كان الحزن يبدوا واضحا ولم يجف مع الأيام على وجه مريم لم تكن من تلك الفتيات التي تغفر وتسامح تشعر أنها مظلومة في هذه العائلة، وكل شخص يحاول أن يؤذيها.
أحلام: رأسها تحت اللحاف وحزم الانترنت التي اشترتها من رصيد هاتفها جاهزة لتصفح الانترنت، وسؤال المفكر الكبير جوجل عن حادثة الليلة الماضية.. ولكن ماذا تكتب؟ بماذا تعبر؟ جربت كلمات تدل على بعض معناي التصرفات التي في حلمها.. كانت تظهر بعض المواقع الإباحية فيها صور "أستغفر الله العظيم".
أغلقت أحلام هذه القذارة، ولكنها مترددة في إلقاء الهاتف من يدها فهي ما زالت في حيرة؟ من تسأل وإلى من تلجأ؟ إنه أمر خاص جدا لا يمكن البوح به حتى مع الاله!
أحلام مرة أخرى: استلقت على ظهرها شبكت قدميها لتخفي عن نفسها توترا واضحا.. أمسكت جوالها بكلتا اليدين.. بحثت مرة أخرى بكلمات عامة - أحلام الفتيات- ربما وجدت بعض المقالات التي تتحدث في الموضوع، مواضيع دينية محذرة من انجرار الفتاة حول تلك الموضوعات العاطفية والتي تلقي بالفتاة نحو الهاوية، تحررية تعد هذا الأمر عاديا ويجب أن تعلم به كل فتاة ويدرّس في المدارس" وضعت أحلام كف يدها اليمنى على فمها "المدارس" قالت بصوت خافت وعادت وحدثت نفسها "كيف ستشرحه المدرسة" ههه ضحكت.
استغرقت أحلام بالتبحر في هذه المواضيع وبدأت تقفز بجرأة من صفحة إلى أخرى والليل مدهون بزيت العفاريت الزرق فتلك الصور - أستغفر الله العظيم - لم تجد غضاضة في أن تقلبها فهي ما تبحث عنه في حلمها.
وجدت أحلام أخيرا نفسها في غرفة للمحادثات.. ترددت كثيرا ولكنها تشعر بجو من الحماسة والاندفاع نحو اكمال المغامرة "ليس أكثر مما شاهدت وعرفت" تحدث نفسها.
أحلام "زهرة الليلك" بهذا الاسم المستعار دخلت على موقع المحادثات، وكانت مصممة ألا تحدث أي شاب فهي فتاة محترمة وتبحث عن المعرفة فقط.
في مجموعة للبنات ضغطت عليها وأصبحت الآن في أمان تام لأنها بين بنات جنسها، نظرت إلى قائمة الأسماء على يمنيها ويسار الشاشة وأخذت تتفحص الأسماء (عربية - انجليزية - حروف - رموز) يا إلهي من هذه القذرة بهذا المسمى "لا دخل لي بها" لأحدث هذه وأخيراً اختارت من بين هذه الأسماء واحدة يدل عليها أنها ناصحة أمينة وكان اسمها المستعار (بلسم الحياة).
هلا.. بدأت احلام أو زهرة الليلك بالحديث
هلا.. أريد النصيحة في أمر ضروري
أرجوكي...
هلا.... تفضلي أختي انا أختك بلسم الحياة
كم عمرك؟
أحلام 16 عام اليوم
العمر كله الك.. بلسم
تسلمي.. وانتي كم عمرك... أحلام
24 عام.. بلسم
العمر كله الك..
شكرا احلام تسلمي
قبل أن تقولي شيء زهرة الليلك اياكي أن تثقي بأحد
قد يكون شابا ويريد أن يستدرجك..
فكرت أحلام قليلا وقالت في نفسها "لو كانت شابا فلن تقول ذلك حتى لا تبعدني عنها"
شكرا على النصيحة..
أريد الحقيقة الحديث في موضوع أول مرة أشعر به وأريد أن أخبر أحداً لا يعرفني حتى أحصل على الفائدة وأذهب.. بهذا لخصت أحلام فكرتها
ردت عليها بلسم الحياة."لا تقلقي عزيزتي زهرة الليلك، فأنا مثل شقيقتك الكبرى."
سألت أحلام ما لديها ولكن بخجل تام وفي المقابل ادعت بلسم الحياة أنها لم تفهم ما تريد وطلبت من أحلام أن تقول كل ما لديها بصراحة، وبصراحة تامة، حتى لو اضطرت لاستخدام الكلمات النابية العامية، وشجعتها بلسم الحياة بأن ذكرت لها ما فهمته بالعامية والواضح الصريح المفتوح. هل هذا ما تريدين قوله؟ تسأل بلسم الحياة
نعم هذا تقريبا
بلسم الحياة تعرض أن تتكلم مع صاحبتنا أحلام زهرة الليلك بصراحة تامة حتى تعرف بماذا تنصحها وبدأتا في الاستطراد في الحديث.
كانت أحلام غير مدركة ماذا تفعل وإلى أي نقطة يمكنها التمادي، تشعر أنها تذنب ولكنها تريد المزيد، تحدثتا بكل صراحة وعريتا جسديهما بالحديث بوصفه بدقة متناهية، والكلمات تنفلت كما العقد وتنساب حباته وأصبحت أحلام تردد بلا خجل كل الكلام الذيء.
بدأت تشعر أحلام بنفس الشعور الجميل الذي راودها في الحلم.
ظهرت رسالة على هاتف أحلام تفيد أن رصيدها قد نفذ، ويجب أن تشحن الهاتف من جديد والوقت منتصف الليل..
أنفاس أحلام ما زالت ساخنة من حبسها تحت الغطاء، وعندما كشفت عن رأسها أحست ببرودة الهواء، وجف العرق من على جبينها، وبدأت تصيح في داخلها "ألهذا الحد أنا قذرة... خائنة.." هل كانت بلسم الحياة فتاة ام شاب يستدرجني؟ لالالا.. تحاول أن تبعد هذه الافكار عن رأسها "إنها مجرد تجربة ولن تتكرر" سأخبئ خطيئتي في صمت ولن أعووود.. أسأل الله أن لا تعود..
إنها الخطيئة الصامتة يا سادة، في كل يوم وليلة على صفحات الدردشات والمحادثات التي عرت المنازل واستغلته الذئاب البشرية لتسمح لنفسها أن تكشف ستر البيوت وتهتك أعراض وتخالط الشيطان أنفاس جهنم.
إنه إهمال الفتيات واعتبارهن جزءا من العار في مجتمع الذكور المتعفن الذي يسمح لنفسه أن يحب ويخفق قلبه ويرتكب ربما الخطيئة، وتقتل الفتاة باسم الشرف وسمعة العائلة، وتنتهك حقوقها في قراءة أشعار الحب والغزل، ولا يلتفت لقولها ورأيها في تصرفات تخصها فقط أو تشترك فيها مع عائلتها.
يخطط لها والدها أو ربما شقيقها الأكبر ماذا تأكل وتشرب وماذا تلبس وفي أي حافلة تركب وفي أي جامعة تلتحق ونوعية صديقاتها. باسم المحافظة عليها..
إنها تجد نفسها مسجونة مشلولة إلا في ذلك العالم الواسع الموجود تحت غطاء النوم تفعل ما تريد وتتنقل فيه بحرية بين الخطأ والصواب، خطيئتها لا يعلمها الا الرب الذي لا يهين ولا يضرب ولا يفضح لكنه، ولا يقتل باسم الشرف، يغفر ويصفح، وتعزم أن لا تعود ولكن الظلم الواقعي يتكرر من جديد وتهرب إلى سرها الكبير من جديد، لا تستطيع الإفصاح عنه، ولكنها تستغفر عنه.
هذه الفتاة نفذ رصيدها، وأغلقت هاتفها، ولك أن تتخيل قارئي كم من الفتيات في خط مفتوح مع WiFi، وإلى أي مدى يمكن التمادي، باتت القصة مكشوفة ولا فائدة من المزيد للافصاح أكثر، وما يهم هو كيف أن نوقف هذه الخطيئة وكيف نعالجها، وإلي أي مدى يمكن اعتبراها جريمة غافلين أنه في الناحية الأخرى يوجد ذكرٌ حالم باسم أنثى أخطأ نفس الخطأ وجرب نفس تجربة أحلام. والسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق