- من أسوأ أيام حياتي تلك اللحظة التي أخبرني فيها موظف الجامعة الإسلامية بأنني انتهيت من الدراسة بعد سنوات طويلة وتم طباعة الشهادة وعليك استلامها بتسديد الرسوم المتبقية، لم يكن هذا الحدث الأهم في تخرجي وحصولي على درجة البكالوريوس، ولكن كنت أرنو بشغف إلى ارتداء الثوب الجامعي واستلام الشهادة في حفل التخرج كبقية الطلاب، ذلك الموقف الذي هربت منه لسنين طويلة كنت أسوف ستة ساعات متبقية لفصلين أو قل لعامين حتى لا يأتي ذلك اليوم.
- في الدقيقة التي سألني فيها موظف الجامعة الإسلامية عن المشاركة في حفل التخرج، أجابته دمعتي التي أخفيتها لعشرين عاما (لا) كانت هذه الإجابة التي كنت مجبر عليها في تعليمي الأساسي بأن أستلم شهادة فلا يفرح فيها - والدي- وكانت فرحة الجميع ناقصة، كان إحساسي أني قفزت في الهواء مرة أخرى
- لست فاشلا ولست غبيا وعندي من ملكة الحفظ والدراسة ما يؤهلني أن أستفيد من شهادتي الجامعية قبل بضعة سنوات، وأغلب من يعرفني يشهد على ذلك ويعاتبوني على تقصيري في انهاء جامعتي مسبقاً، ولكنه الخوف، نعم الخوف من عدم مشاركة والدي لفرحتي كما لم يشاركني أحزاني ولا ادري أعاتب من في هذا الألم الذي تلوع فيه القلب لسنوات طويلة، أعاتب الله أم القدر أم والدي، ولا فائدة من عتاب أحد، بقدر مواساتي لقلبي الذي يئن طويلاً دون ضجيج لشعوره باليتم المستمر.
- تأخرت في الجامعة في ذلك اليوم وكانت زوجتي تظن حتى اللحظة أني أنهي الإجراءات القانونية للتخرج، ولكني كنت جالس في ظل شجرة أبكي على أطلال عمر طويل قضيته بين مقاعد الدراسة وانتهت دون علم والدي دون سؤاله عني، دون تأنيبه وتعنيفه لي على الإهمال في الدراسة، ثم تخرجت دون احتفال، دون حضن رجل.
- لم أشأ أن أترك الدراسة بانتظار يوم اتفاجأ فيه بوالدي يأخذني بين جناحيه، يستلم معي شهادتي الجامعية فانتهيت إلى قرار بدراسة الماجستير، فلم أقطع الأمل بمفاجأة من القدر ببعث والدي من جديد، وما زلت أعيش الدنيا على أساس أن مخرج يحب النهايات السعيدة فلربما هناك قصة محبوكة جيدا يود ان يسعدنا بنهايتها.
- أخشى مجددا أن أنهى رسالة الماجستير ولا يحضر والدي المناقشة، ويمسك بيدي ويفخر بي بين أقرانه، لكل هدف وهدفي هو حضن أب غاب طويلاً وعلى أمل أن يعود.
- يوم كنت في الثانوية العامة وعلمت بنتيجتي كنت أنتظر وأنتظر، وفي وقت العصر ذهب إلى السوق فشاهدت رجلاً من الخلف كأنه والدي، فجلت الخطى واحداً أدافع الطريق وكأن الزمن يعود بي إلى الوراء فلربما أرسل لي القدر هدية عظيمة، في يوم فرحتي بشهادة الثانوية العامة، وعندما وصلت إلى لحظة الأكشن الاي تخيلتها في تقبيل يده وقدميه والبكاء بين جناحيه والجنون في حبه، خاب أملي في القدر من جديد.
- هذا اليوم تمام هو شعور خالجني في الشهادة الأولى التي استلمتها من المدرسة وكان بها خطأ فادح، فكنت حويصا على الحصول من العشرة الأوائل على الفصل ولكني لم أجد اسمي بينهم، ذهبت للمدير فوقفت على الباب انتطر مراجعة علاماتي وكان والد الطالب قد حضر معه، حتى تم تعديل الشهادة وحين دخلت إلى ناظر المدرسة قال لي أحضر ولي أمرك، فقلت له (ميت)، وحضر مربي الفصل ووجدوا خطأ في مادتين، ولا ادري حقيقة هل تم التعاطف لحالتي أم تمت المراجعة بدقة، ولكن تم التعديل ودهلت في العشر الأوائل. ولكني حقيقة بكيت بحرقة..
- سيبقى البكاء يلاحقني عند كل شهادة وكل مرحلة جديدة، حتى في اليوم الذي حصلت فيه على رخصة القيادة لم اجده..
ما زلت أبحث عن رائحة أبي وهكذا #أصبحت_يتيما #ثورة_قلم #كيف_أصبحت_يتيما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق