وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
هكذا عشت حياتي بين البحث عن المهمة التي من أجلها أعيش هذه الحياة، ولست أدعي أنني فقط من يبحث، فالجميع بحثوا عن ذواتهم، فمنهم من أبصر الطريق، ومنهم من أضله المضلون، ولست أقصىد هنا السفينة العامة بقدر بحثي عن سفيتتي الشخصية.
بحثت عن الألواح فلم أجد عائقاً في ايجاهدها إن هذه الألواح منحة وهبة من الله (أمي ثم أمي ثم أمي وأبي وزوجتي وأسرتي).
حتى سفينة نوح لم تكون لتترابط الألواح إلا بالمسامير (الدسر) التي تربطها ببعضها، إن قوة الطوفان لم تستطع أن تخلع لوح واحد من هذه السفينة إنها مكتملة البناء.
حتى سفينة نوح لم تكون لتترابط الألواح إلا بالمسامير (الدسر) التي تربطها ببعضها، إن قوة الطوفان لم تستطع أن تخلع لوح واحد من هذه السفينة إنها مكتملة البناء.
لا أدري هل الطوفان سحب مني أمتن ألواح السفينة، أم أنه لم يأتي الطوفان بعد، وقد جهزتني الحياة لمواجهة الطوفان المنتظر، وكيف أواجه الأمواج المتلاطمة بلا سند وظهر يعيلني.
فقدان أبي: هو ليس كأي قطعة في سفينة الحياة، إنه ربانها وقائدها وقبطانها، وشراعها، هو كل شيء في الحقيقة، لم أكن تعلمت التجذيف وقتها، ولكن قد جهز والدي قارب النجاة لتوقعه بانتهاء مهمته، (إن والدي رحل ولم يعطيني كل ما أريد، ولكنه منحني كل ما يملكه "حياته").
القبطان البديل (أمي) : لا أعلم هل من العربية أن أقول (قبطانة)، وفي الحقيقة لا يهم، إنها تولت القيادة ونصبت شراعها، وجيشت كل جوارها لتكون لائقة بهذه المهمة العظيمة.
إن الماء بدأ يسير من تحت السفينة، ورائحة ملوحة الماء الأحمر تحرق القلوب، إنها دموع أمي التي امتزجت بدماء أبي، وبدأ الطوفان من موت أبي ودموع أمي، ولكن زفرات الهواء التي تخرجها العائلة هي التي حركت الشراع وملأت بالهواء، املاً في النجاة.
إن الذي ثبت سفينة نوح هو إيمانه بأن لكل إنسان طريقه التي يسير بها، سواء كان خيراً أم شر، ولكن في النهاية لن يبقى في السفينة أحد، إلا ذكراه، إنه يؤمن بذلك مهما طال الزمان أو قصر.
القبطان المساعد (زوجتي) : لم تتعرض السفينة بعد الحادثة الأولى لسنوات طويلة لأي هزة أخرى، أو فقدان للألواح، وإن سنة الحياة جعلتني قد انفصلت عن السفينة التي كانت مهمتي فيها دُسرا يربط الوحها حتى لا تغرق، وصنعت مع زوجتي سفينتنا الخاصة التي تحتاج إلى كم هائل من المسامير لتثبيت أركانها.
إن نوح تعلم كيف يصنع (الدُّسر) حتى يربط الألواح ببعضها ويصنع الفلك القوية التي تواجه الطوفان، دُسرَ نوح كانت إيمانه القوي بأنه يفعل الصواب، بالإضافة إلى تلك القطع الحديدية التي أخذ في بالأسباب فصنع المسامير.
فقدان الدُسر (المسامير) الأبناء : إن سفينتي التي صنعتها لنفسي بألواحها بدون (دُسر) على الرغم من أني أمتلك ذلك الإيمان بالله وأعتقد أن هذا الإيمان هو الدّسر الحقيقي، الذي يرعى أي سفينة في الحياة، وعلى الرغم من فقدان الأبناء إلا أن سفينتي تُبحر لسنوات طويلة، وإن كنت أظن أن الدسر هم الأبناء فقط فقد اعترفت بخطئي إن الدسر هي مجموعة الأخذ بالأسباب تلك التي أرادت أن تربط الألواح.
لتسير السفينة مرة أخرى، ولكن بنفس ملوحة الماء التي جرت بها سفينة أمي إنها دموعي ودموع زوجتي، ربما قدر لي ألا أُبحر بسفينتي مثل الباقين في ماء عذب ولكني قلبي يُشعرني أن سفينتي ستستوي على جُودِي الرحمة الإلهية على الماء العذب، لأنها منذ البداية صُنعَت على عين الله...
والحقيقة كُنت أظن أن هذه الدموع هي الطوفان وأنه سيغرقني خاصة، دون أولئك الذين أنعم الله عليهم بالبنين، وكانوا دُسرا لالواحهم، ولكني حين أرى ابن يضرب والدته او يهجر أباه، فإني أدرك أن سفينتي باتت سالمة من هؤلاء الذين سيغرقون سفنهم في بلاعة العقوق
إدراك الحقيقية: إن الطوفان ليس فقدان نعمة أو التمتع بها، إن الطوفان الحقيقي هي هذه الدنيا منذ ولادتنا والغرور ببهرجتها.. والنجاة الحقيقية منه هي صناعة الإيمان بالله ليكون ألواح هذه السفينة، والصبر ليكون دُسرا يربط تلك الألواح.
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصهمْ عِبْرَة لِأُولِي الْأَلْبَاب
وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق