السبت، 9 أبريل 2016

إذ يرفع الدعاة الراية البيضاء يمسكون القنابل

إذ يرفع الدعاة الراية البيضاء يمسكون القنابل


إن كل زمان يحتاج إلي تجديد ابداعي في الخطاب الديني الذي يوجه للعالم باختلاف مشاربهم وألوانهم، وهذا ما تعلمته من كتاب العلامه الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله ونفع به - خطابنا الاسلامي في عصر العولمة -، ويجب أن تختلف لغة الحوار مع المسلمين أنفسهم من بلد لأخرى فالتقليد الأعمى من بعض الدعاة، لدعاة من دول أخرى في استنساخ الأسلوب هذا ما أدى إلى تصرفات بعضهم في الملتقيات الدعوية التي قاموا فيها باستتابة بعض الطلاب أحداث السن وكأنهم غارقين حد الثمالة في المعصية والخطيئة، مع عدم اختلافي على الفكرة التي بحاجة إلى ضبط ومراجعة وابعاد الدعاة الناشئين عنها واعتماد الدعاة ذات الفئة العمرية فوق سن المتلقي واصحاب الكلمة الطيبة، ومخاطبة العقول بدل من دغدغة العواطف، وهذا وإن حصلت الموعظة ولكن تنقصها الحكمة. 

الخطاب الإسلامي الذي تعلمناه من القران الكريم أرشدنا إلى أن علاقة المسلم بالمسلم لا تتخطى ثلاثة حالات أقرها القرآن الكريم (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ولا يجوز تخطي هذه الحالة او المطالبه بغير هذا الهدي القرآني وإلا يعتبر تألي على الله وتغريد خارج السرب وخروج على القرآن الكريم. 

إن منهاج تكميم الأفواه وأن أي معارض للإسلاميين يتهم من الشباب الحامية صدورهم بدون حكمة،  بأنه مميع للدين، وخارج عن الصف، والمطالبة باخماده أو اسكاته، وفضحه واخراج الاشاعات حوله، ولعنه، وتهديده، ومحاولة التأثير عليه بتخويف أهله عليه، هذا ورب الكعبة ما هو بمنهج  دعاة ولا طريق سليم يصلح أن يكون بين ابناء الصحوة الإسلامية ..  (وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ

وظيفة الدعاة اليوم قبل الخروج إلى الناس بالمواعظ والخطب الرنانة هي الاستزاده من العلم وعقد ورشات العمل، وابتكار الطرق الحديثة للتعامل مع الناس في هذا العصر الذي أصبح مكشوفا على كل الحضارات ومشارب الشباب متعددة.

في هذا الوقت تم تسريب فيديو من احدى الحفلات النسوية في فندق الروتس في غزة، وكان عبارة عن عرض أزياء للملبوسات الفلسطينية النسوية التراثية - الثوب الفلسطيني-، بغض النظر عن كون هذا ترف زائد وطبقة الحضور من الذين لا يعانون الفقر كالسواد الأعظم من أهل غزة؛ ولكن الغريب في الأمر أن يخرج الدعاة رافعين الراية البيضاء ويحملون القنابل لتحويل فشل دعوتهم وكلماتهم وملتقياتهم وجولاتهم الدعوية، إلى قنابل حارقة للمطالبة بحرق فندق الروتس، غير مكتفين بهذا الإستسلام ولكنهم يصبوا جام غضبهم على العصاة والتهديد بالحرق والقتل وشغل العصابات والتطرف القذر، ليخرج بعض أبناء التيار الوسطي بهاشتاق #احرقوا_الروتس، ولم يعلم هؤلاء الدعاة أن مهمتهم مقتصرة فقط على التبليغ فقط والله يهدي من يشاء. 

من يلجأ إلي العنف هو من فقد الحكمة، الدعوة إلى التغيير بالعنف والقوة، هو اعلان هزيمة الدعاة وافلاس بضاعتهم، ويجب عليهم مراجعة أطروحاتهم بدلا من صب جام غضبهم على العصاة والتهديد بالحرق. 

لا ادري بأي وجه سيقابل هؤلاء الدعاة الناس بعد اليوم، والناس يعلمون مسبقاً أن هؤلاء الدعاة إذا فشلوا سيطالبون الحكومة بتقريع الرؤوس وجلد الظهور وحرق أموالهم.

يجب أن يعلم الدعاة أنهم خارج حسابات كل العصاة، فصاحب عرض الأزياء أو صاحب المقهى أو البنطال الساحل أو صاحبة الفيزون، لم يضعوا الدعاة أصلاً في حساباتهم الشخصية، وفعلهم للمعصية لم يكن ابتداء اعتداء جسدي على الدعاة، ربما يكون اعتداء شعوري وهذا يقابل بشعور مثله، فتعلمنا في الفيزياء (أن كل فعل له ردة فعل مساوية له في القوة ومضادة له في الاتجاه)، فلا يعقل أن يأذي العصاة شعورنا فنقابلهم بدعواة الحرق ونحن ندعي حمل الحكمة والموعظة الحسنة، بل يجب أن نقابلهم بشعور رحمة ودعوة. 

هناك امر آخر يجب أن نعيه حيدا، وهو أن المطالبة بقتل العصاة واحراقهم يعجل بهم إلى النار وهذا ما لا يريده الإسلام في مضمون دعوته، ولكنه يريد ان يخرج الناس من اتباع الهوى إلى اتباع القرآن، ولنعلم أن الدعوة إلى التطرف ضد العصاة هي دعوة شيطانية لأنه الشيطان هو الذي يريد التعجيل بالانسان إلى النار. اللهم إني أعوذ بك من شياطين الإنس والجن. 

في النهاية لا يجب على الدعاة إذا ما فشلوا في مرحلة أن يرفعوا للناس الراية الحمراء ويعلنوا الحرب على العصاة بدل المعصية، بل عليهم مراجعة أفكارهم وطريقة خطابهم من جديد، وينطلقوا في محاولات جديدة لنشر الفضيلة بين الناس.

برجاء دعم المدونة بالتعليق أسفل الموضوع عبر حسابك على الفيس بوك ⏬⏬⏬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالتي إلى سيدنا زكريا (عليه السلام)

رسالتي إلى سيدنا زكريا (عليه السلام) عزيزي: نبي الله زكريا.. أحاول فهم الدعاء الذي قلته عندما وجدت رزقاً عند من كفلتها، ...