هل الإسلام بوجهين؟!
الكاتب/ محمد سلامه
كان الفضل ابن عباس رديف النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت إن فريضة الله أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم وذلك في حجة الوداع
بهذا الحديث المذكور في صحيح البخاري، أبدأ مقالي لأتمتع بمدى جمال تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم لسلطات ثلاث وفرق في حالات التعامل مع الناس، فكان الرئيس في الملاحم والقاضي بين الأوس والخزرج والداعية لاعتراف ماعز بجريمة الزنا والمرشد للفضل ابن عباس في الحديث السابق..
ومع التسهيل في الفصل بين هذه السلطات في نظام الحكم الجديد إلا أننا لا تستطيع التفريق بين مكانتي كحاكم في السلطة أو قاضي أو مشرع أو خارج منظومة الحكم أمارس الدعوة ومهمتي بين الناس..
في زمن التناقضات في التيارات الإسلامية، إما أن تكون حاكمة أو محكومة ترى البون الشاسع في التعامل مع الآخرين، فيمثلون بتطبيقهم الإسلام على أنه أصبح بوجهين، فتتعامل مع الناس وفق مكانتها فإن كانت محكومة تقربت إليهم وإن كانت حاكمه تعاملت بمنطق الكهنة وألغت الآخر.
وحتى أكون منصفاً فأنا لا أتحدث عن الفكر الذي تتبناه الحركة الإسلامية بكل فصائلها في فلسطين، وإنما عن التباعد الحقيقي بين فكر الحركة الإسلامية وفكر أتباعها، الذي بات أقرب إلى التطرف وفق ما يرونه من الموجة السائدة على الأقل في البلاد الربيعية.
تعلمت قريبا مدى التفرقة بين الشريعة الإلهية وتطبيقها البشري، ومدى استغلال البعض لهذا التطبيق بالتطرف على الناس وقمع حرياتهم، منها ما أدى إلى موجات عنف شديدة أنتجت معها التيارات اليسارية التي أغلقت عقولها من الاستماع لتراهات المتدينين الذين أصبحوا أسرى الفردوس الغيبي وعبيدا يخدمون فردوس الملوك، فأنشد كارل ماركس قائلا من هذا المنطلق (الدين أفيون الشعوب)
لن أستطرد في الموضوع كثيراً فأنا سأتكلم عن الانفصام في شخصية بعض أتباع الحركات الإسلامية وخصوصاً بعض أبناء حماس كونها التيار الإسلامي الشعبي الأكثر انتشاراً في فلسطين، وكيف يفرقون في التعامل مع الناس وتصنيفهم وحكمهم على الناس من منطلق المحاكمة وليس من مبدأ الدعوة..
وقد أوضحت في مقال سابق أن علاقة المسلم بالمسلم لا تتخطى ثلاثة حالات أقرها القرآن الكريم ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ولا يجوز لأي مسلم أن يتعدى هذه المراحل في التعامل مع الآخرين..
في غزة مثلاً سمحت الحرية التي يعطيها القانون، بأن يقام عرض أزياء للملبوسات التراثية الفلسطينية، في فندق الروتس، وتبين الأمر بعد ذلك أنه خاص بالنساء، وتم تسريبه، وإن كان أتباع الحركة الإسلامية الذين لا يكاد بيت من بيوتهم يخلوا من عرض مشابه في صالات الأفراح فإن تم تسريب مقطع من الفرح ماذا نقول عن تلك العائلة أو تلك..
خرج الدعاة المنهزمون وقتها بهاشتاق #احرقوا_الروتس، وكأن إعلان هزيمة الدعاة هو بمثابتة اعلان حرب على الناس، فيتصورون أن القرآن قد هزم ولا يعلمون أن تطبيقهم البشري هو المهزوم.
في المقابل فإن كتائب الشهيد عز الدين القسام التي نفخر باعدادها لأعدائنا، وعملياتها النوعية، تبنت الاستشهادي عبدالحميد سرور الذي يبدوا أنه من عائلة يسارية، والذي أثلج صدور المسلمين بنقلته النوعية لمجرى الانتفاضة، والمهم في هذا الموضوع هو تقبيل أفراد من كتائب القسام لرأس والدة الشهيد والتي كانت بدون حجاب شرعي، فخرجت الجموع تصفق لفعل القسام في الضفة بأنه فعل انساني وحضاري وهذه سماحة الإسلام .وهو حق.
في مشهد آخر ينفصم الإسلاميون عن الشخصية ويطبقون الدين حسب وجهة نظرهم الحزبية واعتباراتهم الدينية المتزمته، فبينما تقدم الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت الدروع والتكريم لفتيات متبرجات و يظهر هذا على أنه سماحة الإسلام وكيفية تعامله مع المخالفين في الالتزام أو الدين، وعلى النقيض فإن منابر غزة تعج بدعوات حرق العصاة والتهديد لهم، ولم يحسنوا التعامل مع من هن أقل تبرجا من فتيات جامعة بيرزيت..
في مشهد آخر تتعرض الحكومة - غير الشرعية- في الضفة الغربية لقصف جبهات على أكثر من مستوى لانها قامت بفرض ضريبة على المشاة إذا لم يسيروا على الرصيف ومصوغهم في هذا الالتزام بالقانون، بينما نصفق لحكومة غزة إذا ما استخدمت القانون لفرض ضريبة على أصحاب التكاتك البائسين القابعين في هذا الحصار ..
كنت اظن أن الحق واحد يكون مع الجميع، والصواب يمكن أن يفعله المسلم والكافر إذا أخذ بأسبابه ليصل إلى النتيجة الصحيحة ولكن النظرة الحزبية لكثير من الامور تعد الصواب هو ما يفعله فرعون الحزب الحاكم سواء كان اسلامي أو علماني أو يساري.
فمن خلال معاملتي مع الاحزاب الفلسطينية في مخيمنا على الأقل وبعض رموزها فإني أقر بأن الإسلاميين أكثر تقبلا للآخرين من غيرهم ولكن نحتاج إلى مزيد من الوضوح
بإمكانك التعليق على مدونتي عبر حسابك على الفيسبوك ⏬
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق