في ظلال آية :: فهم خاص :: حماس ( إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ )
من مدونتي القديمة أبو عبدالرحمن ثورة قلم
قال تعالى : " فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ
بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ
مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا
مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا
مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا
لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ
يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ
غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ "
(249 - البقرة )
كثيرا ما دارت هذه القصة في ذهني وتناقلتها بنات أفكاري قبل أن أصعد إلى منبر يوم الجمعة لأحدث فيها الناس ، ولكن كان ينقصني الحنكة في ترتيب الأحداث التي أريد الحديث عنها في مفهوم هذه الآية ، وما زاد الأمر تعقيدا هو اسقاط انزال الواقع ومطابقته للآية ، وتطبيق الآية عمليا في خضم الأحداث التي نعايشها ونعيشها سواء هنا في غزة المحاصرة أم هناك في ضفتنا المحتلة أو في الأمة الإسلامية جمعاء ، وهل هي تنطبق على أفراد الأمة جميعهم أم على المتنفذين منهم فقط ..
وبدون اقتباسات كثيرة من كتب التفاسير ، إن ما علمته عن هذه الآية هو أن بني اسرائيل عندما توفى الله تعالى موسى عليه السلام وبعث فيهم نبي آخر يقال أن اسمه( شوميل ) طلب بني اسرائيل من هذا النبي أن يرسل الله لهم ملكٌ عليهم يقاتلون الفئية الظالمة , وعندما كان الطلب منهم واضح وصريح في رغبتهم في القتال للفئة الظالمة والطاغية ، بعث الله لهم الملك طالوت وبعث معه آيات ومصدقات له ولملكه عليهم ..
وهذه البداية إنما أعتبرها هي المرحلة الأولى للحركات الجهادية التي تبدأ بالتصريح لخوض المعارك ضد أعداء الله تعالى ، ويؤتيهم الله من القوة والمنعة ما يقويهم على أداء أعمالهم وتبدأ هذه الحركات تتعاظم قوتها وتجهيزيها ، ويتكاثر أبنائها ،، والمؤيدون لها ، وتصبح في معادلة اقليمية ودولية يحسب لها ألف حساب عندما تتحدث وعندما تصرح وتتحرك أي تحكرك على المستوى الإسلامي .. وهذا بالمناسبة ينطبق على كثير من الحركات الإسلامية والمقاومة الموجودة الساحة الإسلامية سواء كانت في فلسطين أو في العراق أو في أفغانستان ,,
ولكن الذي يفرق هذه الحركات عن بعضها هو أن بعض هذه الحركات جاوزت مرحلة المطالبة بالملك وقتال المشركين إلى ممر المعركة الحقيقي ومنها من ينتظر دوره في التقدم وإعلان الجهاد بكل أركانه ..
فمن جاوز هذه المرحلة كان هذا المقال تحذيرا له في وقت قد فاتت النصيحة ،، ومن لم يجاوز فله نصيحة لأننا نعلم أن الدنيا كلها بيد الله وكل من يعمل في الحقل الإسلامي سيكون يوما في موقف لا يحسد عليه في الحكم ..
وخرج طالوت بالجنود من بيت المقدس وكان الحر شديد .. فقال لهم ملكهم طالوت أن الله تعالى مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ، أي مع هذا الحر الشديد والعطش إن الله سيدخلكم على نهر ، ومنعكم أن تشربوا منه فمن أطاع الله فقد حق له أن يقاتل الفئة الظالمة ويكون من المنصورين بإذن الله ومن عصا أمر الله تعالى فإنه لن يكون من تلك الفئة التي ستقاتل أعداء الله ,,
وكذلك خرجت حماس بجنودها منذ عشرين عام ، منذ أن قاتلوا بالسلاح الأبيض والحجارة والكارلوا والمسدس ثم الرشاش إلى أن قوّى الله ساعدهم وشد عودهم أصبحوا في منعة كبيرة ونقلهم الله من مرحلة إلى مرحلة متقدمة من الصراحة مع الأعداء فمكن لهم في جزئية بسيطة من الأرض يعدوا فيها قوتهم ويستعدوا لملاقات أعداء الله ,, جاء النهر والإبتلاء وجاءت الدنيا بزخرفتها ،، مع أنها ليست كتلك الدنيا المفتوحة على غيرها من أبناء الأمة كما رأينا من نهبات وسرقات واختلاسات بالمليارات من الرؤساء المخلوعين والباقي آتي ،، إلا أن بعض أبناء الدعوة الإسلامية - ثبتهم الله - قد غرتهم الحياة الدنيا وبدأت عندها أقرأ في كتاب الدكتور فتحي يكن رحمه الله ( المتساقطون على طريق الدعوة ) وقلت أنهم لن يضروا إلا أنفسهم ، سواء كان ذلك الأخ الذي سولت له نفسه العبث في طريق الدعوة الإسلامية قيادي بارز أم جندي جديد في حقل الدعوة ، فالنتيجية واحدة ..
لاني علمت من الآية السابقة أن الله لن يأتي بالنصر إلا على أيدي ثلة مؤمنه صبرت وصابرت واحتسب ولم تعصي الله ، والتزمت طاعة نبيه ، ولم تتعامل بالواسطة والمحسوبية والنهب والسرقة والزنا أعاذنا الله وجميع إخواني من الوقوع في هذه الفتن .. إلا أنها من باب ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين .
إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ
في هذه القطعة من الآية مفهومين :
الأول : إن الله تبارك وتعالى لم يدع هؤلاء المقاتلين على عطشهم لأن الجيوش لا تزحف على بطون خاوية ، وقد علم ما ألم بهم من شقاء وتعب ، فأعطى لهم الرخصى بغرفة واحدة لا يجاوزها .. يحطموا بها ذلك العطش الذي أصابهم ..
الثاني : أن هذه الشربة مع العطش الشديد تصبح ابتلاء كما أن عدم الشرب ابتلاء ، فإن منعهم من الشرب يصبح ابتلائهم شديد ، لأنهم في عطش شديد ، والماء بجوارهم بل تحت أقدامهم ، وإن شربوا فقد يغريهم الماء ويغترفون الأخرى فيقعوا في المحذور ..
للجهاد في سبيل الله مواقع كثيرة ، فقد يكون المجاهد بين الخنادق والكهوف والجبال ومطارد من الأعداء ، وبين أن يكون تحت الأرض ويقاوم أعداء الله وجها لوجه ، وكلتا الحالتين لا تختلف إلا من كون الطبية التي ولدت في الحركة الجهادية ،، غير أن هناك اختلاف في تنوع أنواع الصبر على الاتبلاءات بألوانها .,,
مَنَّ الله على حماس بأن خرجت من أبنائها من دائرة الحرمان الوظيفي والقهر التعليمي والفقر إلى مرحلة يحسدهم الحاسدون عليها ،، غير أنني اعتبرت أن هذه الدنيا التي فتحها الله على حماس بقيادتها وعلى أبنائها هي بمثابة ذلكم النهر الذي فتح على الثلة المؤمنة من بني اسرائيل ,,
فإن من اغترف من هذه الدنيا بحق أن يسد جوعة وحاجته ، ولا يتعدى على حقوق الآخرين ووظائفهم واعطاء الفرص المتكافئة في التوظيف وانهاء الواسطة والمحسوبية ،، فإنه سيكون من الناجئين بإذن الله تبارك وتعالى ،،
أما من وظف الأقرباء ووضع الرجل في مكان لا يستحقه وأهمل الأسر الفقير واستفرد هو والمقربون منه برتب ومناصب وسيارات ، وكذلك الحندي الذي وضعه الله في موضع أمانه فخانها وطبع بحثه الجامعي على حساب العمل واستخدم معدات العمل في غير وجهها وأهدر المال العام ,, فإني أسأل الله لهما العودة إلى طريق الحق والصواب ,,
فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ
فقد وقع من قبلهم وكان بين ظهرانيهم أنبيائهم في شرك الحياة الدنيا ،، وقد وقع الكثير كما أشارت الآية في فتن الحياة الدنيا لأنه ذكر القليل الناجي فلزم أن الكثير يكون المتساقطون ,., فلنحذر ..؟!
لأننا لو أكملنا الآية لوجدنا أن الأمر جد خطير ،،
لأن الذين شربوا من النهر شربة زائدة عن غرفة اليد سقطوا من صف المواجة والنصر منذ البداية ، وإن الذين نجو من هذه الفتنة فواجهتهم فتنة أخرى وهي قلة عددهم بعد إن نقى الله صفهم من الفئة التي سقطت بفتون الدنيا ..
فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ
وهنا يكون لنا ابتلاء جديد ومحنة جديدة ، حيث أن القلة التي تجاوزت محنة الحياة قد أخافتهم كثرة عدد أعدائهم ونسو أن الله تبارك وتعالى هو الناصر لهم لا غالب لهم إذا نصرهم الله ,, وهذا ليعلم الذين نجو من اختبار الدنيا وابتلاء زخرفة الوظائف والرتب والمحسوبية ليسو كلهم هم الذين سيخوضون معركة التحرير بل إنهم سيقفون أمام إختبار جديد ،، وامتحان جديد ، فإذا جد وقت المعارك في فلسطين فسيقف أمام بني الإسلام كل كافر مستطيع على حمل السلاح بل حتى أطفالهم ونسائهم فإن ملة الكفر واحدة بأمريكا وروسيا وأوروبا واسرائيل وكل طاغية وكافر ومنافق ,,, فهل سنقول وقتها لا طاقة لنا بهم ، عافانا الله من هذا الموقف ونسأل الله النجاة من الابتلاءات لنا ولكم ..
وبقيت صفوة الصفوة مع نبيهم ، هم الذين صبروا على ابتلاء الدنيا وأطاعوا الله ونبيه الذي بعثه فيهم ،
قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ
هم أولئك الذين توكلوا على الله وعلموا أن النصر من عند الله ،، واكتلمت القصة بأن ذلك الصبي داود الذي أعطاه الله النبوة لاحقا قتل جالوت ,, فتم النصر بإذن الله
ولكن هل انتهت الابتلاءات إلى هذه النهاية ، إن الله ختم آيته بقوله وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ أي أن هناك ابتلاءات أخرى يكون الله مع من يصبر عليها ..
تنبيه : لا يجب علينا أن نتجاهل في هذه الآية أن بني اسرائيل في هذه الآية طلبوا بأن يبعث الله ملكا لهم يقاتلون معه حتى يهربوا من القتال أصلا ، فكانت نيتهم خبيثة أيضا ، كما أنهم طلبوا تبيان نوع ولون البقرة في قصتها حتى لا يذبحوها ,, فهذا هو ديدنهم مع الأنبياء ,,
أما أبناء أمة الإسلام والذين تربوا في مدرسة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يختلفون بنواياهم عن بني اسرائيل ،، فنسأل الله أن تكون النية خالصة في قتال أهل الشرك وأعداء الله لإخراجهم من بلاد المسلمين واقامة شريعته تعالى في الأرض ,,
ولكن هناك ما ينطبق في هذه الآية على واقعنا ، واعتصر قلبي ألما كلما أجد أخٌ لي في دعوتنا إلى معصية أو زلت قدمه إلى طريق الدنيا فأدعوا الله أن يصوب أعمالهم نحو الحق من جديد
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
كثيرا ما دارت هذه القصة في ذهني وتناقلتها بنات أفكاري قبل أن أصعد إلى منبر يوم الجمعة لأحدث فيها الناس ، ولكن كان ينقصني الحنكة في ترتيب الأحداث التي أريد الحديث عنها في مفهوم هذه الآية ، وما زاد الأمر تعقيدا هو اسقاط انزال الواقع ومطابقته للآية ، وتطبيق الآية عمليا في خضم الأحداث التي نعايشها ونعيشها سواء هنا في غزة المحاصرة أم هناك في ضفتنا المحتلة أو في الأمة الإسلامية جمعاء ، وهل هي تنطبق على أفراد الأمة جميعهم أم على المتنفذين منهم فقط ..
وبدون اقتباسات كثيرة من كتب التفاسير ، إن ما علمته عن هذه الآية هو أن بني اسرائيل عندما توفى الله تعالى موسى عليه السلام وبعث فيهم نبي آخر يقال أن اسمه( شوميل ) طلب بني اسرائيل من هذا النبي أن يرسل الله لهم ملكٌ عليهم يقاتلون الفئية الظالمة , وعندما كان الطلب منهم واضح وصريح في رغبتهم في القتال للفئة الظالمة والطاغية ، بعث الله لهم الملك طالوت وبعث معه آيات ومصدقات له ولملكه عليهم ..
وهذه البداية إنما أعتبرها هي المرحلة الأولى للحركات الجهادية التي تبدأ بالتصريح لخوض المعارك ضد أعداء الله تعالى ، ويؤتيهم الله من القوة والمنعة ما يقويهم على أداء أعمالهم وتبدأ هذه الحركات تتعاظم قوتها وتجهيزيها ، ويتكاثر أبنائها ،، والمؤيدون لها ، وتصبح في معادلة اقليمية ودولية يحسب لها ألف حساب عندما تتحدث وعندما تصرح وتتحرك أي تحكرك على المستوى الإسلامي .. وهذا بالمناسبة ينطبق على كثير من الحركات الإسلامية والمقاومة الموجودة الساحة الإسلامية سواء كانت في فلسطين أو في العراق أو في أفغانستان ,,
ولكن الذي يفرق هذه الحركات عن بعضها هو أن بعض هذه الحركات جاوزت مرحلة المطالبة بالملك وقتال المشركين إلى ممر المعركة الحقيقي ومنها من ينتظر دوره في التقدم وإعلان الجهاد بكل أركانه ..
فمن جاوز هذه المرحلة كان هذا المقال تحذيرا له في وقت قد فاتت النصيحة ،، ومن لم يجاوز فله نصيحة لأننا نعلم أن الدنيا كلها بيد الله وكل من يعمل في الحقل الإسلامي سيكون يوما في موقف لا يحسد عليه في الحكم ..
وخرج طالوت بالجنود من بيت المقدس وكان الحر شديد .. فقال لهم ملكهم طالوت أن الله تعالى مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ، أي مع هذا الحر الشديد والعطش إن الله سيدخلكم على نهر ، ومنعكم أن تشربوا منه فمن أطاع الله فقد حق له أن يقاتل الفئة الظالمة ويكون من المنصورين بإذن الله ومن عصا أمر الله تعالى فإنه لن يكون من تلك الفئة التي ستقاتل أعداء الله ,,
وكذلك خرجت حماس بجنودها منذ عشرين عام ، منذ أن قاتلوا بالسلاح الأبيض والحجارة والكارلوا والمسدس ثم الرشاش إلى أن قوّى الله ساعدهم وشد عودهم أصبحوا في منعة كبيرة ونقلهم الله من مرحلة إلى مرحلة متقدمة من الصراحة مع الأعداء فمكن لهم في جزئية بسيطة من الأرض يعدوا فيها قوتهم ويستعدوا لملاقات أعداء الله ,, جاء النهر والإبتلاء وجاءت الدنيا بزخرفتها ،، مع أنها ليست كتلك الدنيا المفتوحة على غيرها من أبناء الأمة كما رأينا من نهبات وسرقات واختلاسات بالمليارات من الرؤساء المخلوعين والباقي آتي ،، إلا أن بعض أبناء الدعوة الإسلامية - ثبتهم الله - قد غرتهم الحياة الدنيا وبدأت عندها أقرأ في كتاب الدكتور فتحي يكن رحمه الله ( المتساقطون على طريق الدعوة ) وقلت أنهم لن يضروا إلا أنفسهم ، سواء كان ذلك الأخ الذي سولت له نفسه العبث في طريق الدعوة الإسلامية قيادي بارز أم جندي جديد في حقل الدعوة ، فالنتيجية واحدة ..
لاني علمت من الآية السابقة أن الله لن يأتي بالنصر إلا على أيدي ثلة مؤمنه صبرت وصابرت واحتسب ولم تعصي الله ، والتزمت طاعة نبيه ، ولم تتعامل بالواسطة والمحسوبية والنهب والسرقة والزنا أعاذنا الله وجميع إخواني من الوقوع في هذه الفتن .. إلا أنها من باب ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين .
إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ
في هذه القطعة من الآية مفهومين :
الأول : إن الله تبارك وتعالى لم يدع هؤلاء المقاتلين على عطشهم لأن الجيوش لا تزحف على بطون خاوية ، وقد علم ما ألم بهم من شقاء وتعب ، فأعطى لهم الرخصى بغرفة واحدة لا يجاوزها .. يحطموا بها ذلك العطش الذي أصابهم ..
الثاني : أن هذه الشربة مع العطش الشديد تصبح ابتلاء كما أن عدم الشرب ابتلاء ، فإن منعهم من الشرب يصبح ابتلائهم شديد ، لأنهم في عطش شديد ، والماء بجوارهم بل تحت أقدامهم ، وإن شربوا فقد يغريهم الماء ويغترفون الأخرى فيقعوا في المحذور ..
للجهاد في سبيل الله مواقع كثيرة ، فقد يكون المجاهد بين الخنادق والكهوف والجبال ومطارد من الأعداء ، وبين أن يكون تحت الأرض ويقاوم أعداء الله وجها لوجه ، وكلتا الحالتين لا تختلف إلا من كون الطبية التي ولدت في الحركة الجهادية ،، غير أن هناك اختلاف في تنوع أنواع الصبر على الاتبلاءات بألوانها .,,
مَنَّ الله على حماس بأن خرجت من أبنائها من دائرة الحرمان الوظيفي والقهر التعليمي والفقر إلى مرحلة يحسدهم الحاسدون عليها ،، غير أنني اعتبرت أن هذه الدنيا التي فتحها الله على حماس بقيادتها وعلى أبنائها هي بمثابة ذلكم النهر الذي فتح على الثلة المؤمنة من بني اسرائيل ,,
فإن من اغترف من هذه الدنيا بحق أن يسد جوعة وحاجته ، ولا يتعدى على حقوق الآخرين ووظائفهم واعطاء الفرص المتكافئة في التوظيف وانهاء الواسطة والمحسوبية ،، فإنه سيكون من الناجئين بإذن الله تبارك وتعالى ،،
أما من وظف الأقرباء ووضع الرجل في مكان لا يستحقه وأهمل الأسر الفقير واستفرد هو والمقربون منه برتب ومناصب وسيارات ، وكذلك الحندي الذي وضعه الله في موضع أمانه فخانها وطبع بحثه الجامعي على حساب العمل واستخدم معدات العمل في غير وجهها وأهدر المال العام ,, فإني أسأل الله لهما العودة إلى طريق الحق والصواب ,,
فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ
فقد وقع من قبلهم وكان بين ظهرانيهم أنبيائهم في شرك الحياة الدنيا ،، وقد وقع الكثير كما أشارت الآية في فتن الحياة الدنيا لأنه ذكر القليل الناجي فلزم أن الكثير يكون المتساقطون ,., فلنحذر ..؟!
لأننا لو أكملنا الآية لوجدنا أن الأمر جد خطير ،،
لأن الذين شربوا من النهر شربة زائدة عن غرفة اليد سقطوا من صف المواجة والنصر منذ البداية ، وإن الذين نجو من هذه الفتنة فواجهتهم فتنة أخرى وهي قلة عددهم بعد إن نقى الله صفهم من الفئة التي سقطت بفتون الدنيا ..
فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ
وهنا يكون لنا ابتلاء جديد ومحنة جديدة ، حيث أن القلة التي تجاوزت محنة الحياة قد أخافتهم كثرة عدد أعدائهم ونسو أن الله تبارك وتعالى هو الناصر لهم لا غالب لهم إذا نصرهم الله ,, وهذا ليعلم الذين نجو من اختبار الدنيا وابتلاء زخرفة الوظائف والرتب والمحسوبية ليسو كلهم هم الذين سيخوضون معركة التحرير بل إنهم سيقفون أمام إختبار جديد ،، وامتحان جديد ، فإذا جد وقت المعارك في فلسطين فسيقف أمام بني الإسلام كل كافر مستطيع على حمل السلاح بل حتى أطفالهم ونسائهم فإن ملة الكفر واحدة بأمريكا وروسيا وأوروبا واسرائيل وكل طاغية وكافر ومنافق ,,, فهل سنقول وقتها لا طاقة لنا بهم ، عافانا الله من هذا الموقف ونسأل الله النجاة من الابتلاءات لنا ولكم ..
وبقيت صفوة الصفوة مع نبيهم ، هم الذين صبروا على ابتلاء الدنيا وأطاعوا الله ونبيه الذي بعثه فيهم ،
قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ
هم أولئك الذين توكلوا على الله وعلموا أن النصر من عند الله ،، واكتلمت القصة بأن ذلك الصبي داود الذي أعطاه الله النبوة لاحقا قتل جالوت ,, فتم النصر بإذن الله
ولكن هل انتهت الابتلاءات إلى هذه النهاية ، إن الله ختم آيته بقوله وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ أي أن هناك ابتلاءات أخرى يكون الله مع من يصبر عليها ..
تنبيه : لا يجب علينا أن نتجاهل في هذه الآية أن بني اسرائيل في هذه الآية طلبوا بأن يبعث الله ملكا لهم يقاتلون معه حتى يهربوا من القتال أصلا ، فكانت نيتهم خبيثة أيضا ، كما أنهم طلبوا تبيان نوع ولون البقرة في قصتها حتى لا يذبحوها ,, فهذا هو ديدنهم مع الأنبياء ,,
أما أبناء أمة الإسلام والذين تربوا في مدرسة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يختلفون بنواياهم عن بني اسرائيل ،، فنسأل الله أن تكون النية خالصة في قتال أهل الشرك وأعداء الله لإخراجهم من بلاد المسلمين واقامة شريعته تعالى في الأرض ,,
ولكن هناك ما ينطبق في هذه الآية على واقعنا ، واعتصر قلبي ألما كلما أجد أخٌ لي في دعوتنا إلى معصية أو زلت قدمه إلى طريق الدنيا فأدعوا الله أن يصوب أعمالهم نحو الحق من جديد
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق